تجارب مندل على نبات البازلاء

تجارب مندل على نبات البازلاء

درس جريجور مندل الصفات الوراثية لنبات البازيلاء لمدة 8 سنوات بين عامي 1856 و1863 لتسجيل كيفية انتقالها من جيلٍ لآخر، حيث استخدم 28000 نبات بازلاء أثناء دراسته، وقد اختار مندل نبات البازيلاء من بين العديد من النباتات ليجري تجاربه عليها؛ وذلك لأن نبتة البازيلاء تتمتع بالعديد من الميزات المناسبة لدراسة الصفات الوراثية؛ وقد نجح مندل في تجاربه هذه، واستطاع وضع المبادئ الأساسية لعلم الوراثة بناءً عليها؛ ولهذا لقب مندل بأبي علم الوراثة.^[١]

خطوات تجارب مندل على نبات البازيلاء

فيما يأتي شرح لتجارب مندل على نبات البازيلاء:^[٢]

• اختيار نبات البازيلاء: بدء مندل دراسته للصفات الوراثية في عام 1856 باستخدام الفئران، ثم استخدم نحل العسل والنباتات، واستقر أخيرًا على دراسة نبات البازيلاء.
• اختيار الصفات الوراثية لنبات البازيلاء: اختار مندل 7 صفات وراثية من صفات نبات البازيلاء، مثل طول الساق، ولون الزهرة، ولون وشكل البذور ليدرسها.
• زرع نباتات البازيلاء: اختار مندل طريقة زرع نباتات البازيلاء لدراسة الصفات الوراثية السبعة التي اختارها، فزرع نباتان من البازيلاء يحملان صفتين متضادتين؛ أي أنه زرع نباتيين أحدهما طويل الساق والآخر قصير الساق، وتركهما يتكاثران، وانتظر الجيل الجديد ليلاحظ النتيجة؛ فكان التكاثر عندها نقياً تمامًا، فقد كانت جميع النباتات الجديدة طويلة الساق.
• حساب النتائج: حسب مندل العدد الدقيق للنباتات الناتجة في الجيل الجديد؛ فوجد أنماطًا متشابهة جدًا للوراثة لجميع الصفات السبع التي درسها.
• وضع الملاحظات والاستنتجات: لاحظ مندل أن إحدى الصفتين المتضادتين تخفي تأثير الصفة الأخرى، فمثلًا صفة طول الساق لنبات البازيلاء تخفي تأثير صفة قصر الساق؛ فأطلق مندل على الصفة التي تظهر وتهيمن وتسود على الصفة الأخرى اسم الصفة السائدة، أما الصفة الأخرى التي تختفي فهي الصفة المتنحية (جميع النباتات التي ظهرت في الجيل الجديد كانت طويلة الساق؛ أي أن صفة طول الساق كانت سائدة ومهيمنة على صفة قصر الساق فأخفت تأثيرها).
• ملاحظة النتائج على الأجيال الجديدة: سمح مندل للنباتات التي نتجت في الجيل الأول (النباتات طويلة الساق السابقة) بتلقيح نفسها؛ أو تخصيب نفسها ذاتيًا، فظهرت الصفة المتنحية في الجيل الثاني، ولكن بنسبة قليلة جدًا مقارنة بالصفة السائدة؛ أي أن عدد النباتات قصيرة الساق التي نتجت في الجيل الثاني أقل من عدد النباتات طويلة الساق، فقد نتج 333 نباتًا بصفة سائدة لكل 111 نباتاً بصفة متنحية.
• وضع النتائج النهائية: بالإضافة إلى نوع الصفات (سائدة ومتنحية) لاحظ مندل أيضًا من خلال تجاربه على نبات البازيلاء أن وراثة كل صفة لا يؤثر على وراثة الصفة الأخرى، وإنما تورث كل صفة بشكل حر ومستقل عن باقي الصفات، فمثلًا لا تؤثر صفة طول الساق على صفة شكل البذور، وإنما تورث كل صفة منهما بشكل مستقل عن الأخرى.

أسباب اختيار مندل لنبات البازيلاء في تجاربه

اختار مندل نبات البازيلاء لإجراء تجاربه بدلًا من الفئران، أو نحل العسل، أو أي نوع آخر من النباتات لعدة أسباب؛ ومنها ما يأتي:^[٢]

• دورة حياة نبات البازيلاء سريعة؛ وبالتي فإن من السهل مراقبة نموه ورؤية النتائج على الأجيال الجديدة بسرعة وسهولة.
• إنتاج نبات البازيلاء لعدد كبير من البذور.
• قيام نباتات البازلاء بالتخصيب الذاتي أو التلقيح الذاتي، وذلك لأن النبات نفسه يمتلك أجزاء ذكرية وأخرى أنثوية (يسمى نبات خنثى)، ويمكن أيضًا التحكم بعملية التلقيح من خلال نقل حبوب اللقاح من نبات إلى آخر.
• يمتلك نبات البازيلاء قدرة عالية على مقاومة الأمراض والبقاء حيًا.^[٣]
• يحمل نبات البازيلاء وبذوره وأزهاره مجموعة واسعة من الصفات الوراثية المتقابلة أو المتضادة (عكس بعضها)؛ فمثلًا يوجد بذور مجعدة وأخرى ملساء، وأزهار بنفسجية وأخرى بيضاء، ونبات طويل الساق وآخر قصير الساق، وبذور خضراء وأخرى صفراء، وهكذا.^[٤]

نتائج تجارب مندل على البازيلاء: قوانين مندل في الوراثة

وضع مندل ثلاثة قوانين لانتقال الصفات الوراثية من جيلٍ لآخر؛ بعد دراسته لتوريث الصفات في نبات البازيلاء، وهي كالآتي:^[٥]

قانون السيادة

القانون الأول الذي وضعه مندل هو قانون السيادة، ويسمى أيضًا قانون الهيمنة (بالإنجليزية: Law of Dominance)، وينص على أن الصفة الوراثية التي تظهر على الفرد، وتخفي تأثير الصفة الأخرى تسمى بالصفة السائدة، أما الصفة الوراثية التي لم تظهر فتسمى بالصفة المتنحية، فمثلًا في صفة لون زهور البازيلاء؛ صفة لون الزهور البنفسجية تخفي تأثير صفة لون الزهور البيضاء، وبهذا فإن صفة الزهور البنفسجية هي صفة سائدة، وصفة الزهور البيضاء هي صفة متنحية.

قانون التوزيع المستقل

قانون التوزيع المستقل، ويسمى أيضًا قانون التوزيع الحر (بالإنجليزية: Law of Independent Assortment)؛ ينص على أن السمات أو الصفات الوراثيّة تنتقل بشكلٍ مستقل من الآباء إلى الأبناء ولا تتأثر ببعضها البعض.

قانون الفصل

قانون الفصل (بالإنجليزية: Law of Segregation) ويسمى أيضًا قانون انعزال الصفات، وينص على أن أزواج الأليل تنفصل أثناء تكوين الخلية التناسلية، وتتحد بعد ذلك بشكل عشوائي عند الإخصاب، أي عند تكوين البويضة المخصبة.

رأي المجتمع العلمي بنتائج تجارب مندل على البازيلاء

بعد إجراء التجارب السابقة على نبات البازيلاء لمدة 8 أعوام متتالية؛ توصل مندل إلى نتائج رائعة، وتمكن من فهم الصفات الوراثية السائدة والمتنحية، ووضع العديد من المبادئ الوراثية؛ والتي نشرها في عام 1866، إلا أن إنجاز مندل تم تجاهله من قبل المجتمع العلمي في بداية الأمر، ولكن في عام 1900، أجرى ثلاثة علماء نبات أوروبيين هم: هوغو دي فريس في هولندا، وكارل كورينز في ألمانيا، وإريك فون تشيرماك في النمسا؛ بشكل مستقل أبحاثًا عن الوراثة، وتوصلوا إلى صحة النتائج والمبادئ التي وضعها مندل، واعتبر مندل بعدها مؤسس علم الوراثة الأول.^[١]